نيــــــــــران القديس إلمــــــــو
قد تبدو الكلمة غريبة وجديدة، خاصة ونحن نتحدث عن الظواهر الفلكية التي نظن- وكأننا امتلكنا حكمة الكون- أننا نعرفها ونفهمها. لكن نيران القديس إلمو ظاهرة جوية فريدة من نوعها وإن كان تفسيرها بسيطا.
دعنا بداية لا نخلط بينها وبين البرق، وستعرف السبب لاحقا .
نيران القديس إلمو، هي نوع من (الشرارات) الكهربائية المتصلة، ويسميها البعض أحيانا "بالتفريغ المتوهج".
هذه الظاهرة شهيرة وقد تم رصدها مرارا في أنابيب الفلورسنت، لكننا نسميها ضوءا عندما تحدث هناك، بينما لو شوهدت في السماء فهي تسمى بنيران القديس إلمو.
لكن، ما سبب التسمية يا ترى؟
سميت الظاهرة بهذا الاسم نسبة الى ايراسيموس من فورمياي ( ويدعى ايضا القديس المو) وهو بحار من بحارة بارتون ،ولأنه - على الأغلب - تمت ملاحظة هذه الظاهرة في العواصف الرعدية الشديدة التي كانت تحصل في عرض المحيط.
كيف تحدث نيران إلمو :
نيران القديس إلمو،أو حتى الشرارات العادية تظهر عندما يقع أي غاز تحت فرق جهد عال. نيران القديس المو ترى خلال العواصف الرعدية عندما يشحن الهواء الواقع بين الغيمة والأرض كهربائيا بفعل فرق الجهد المروع بينهما.
الآن ما الذي يحدث بالضبط:
في العواصف الرعدية، ونتيجة تباعد الشحنات وفصلها وتكوّن فرق جهد هائل، يشحن الغاز ما بين الغيوم، وبين الغيوم ذاتها والأرض، حتى 30 ألف فولت لكل سم من الهواء. وفرق الجهد المروع هذا كفيل بـ "تمزيق " الغاز وبعثرة مكوناته ذاتها.
وهذا ما نعرفه نحن بالحالة الرابعة للمادة: البلازمــــــــــــــا.
البلازما هي غاز فصلت أنويته الموجبة عن إليكتروناته السالبة، فأصبح حساء تسبح فيه الإليكترونات بلا روابط.
تظهر نيران القديس إلمو على شكل وهج أزرق - بنفسجي لامع، يبدو كأنه نيران في بعض الحالات، يشكل نافورة مزدوجة أو ثلاثية، وله نهايات حادة وأشكال متنوعة، فقد يظهر على شكل أعمدة، او شعلات لهب، وأحيانا يمكن مشاهدته على أجنحة الطائرات.
كان بنيامين فرانكلين عام 1749 هو أول من فسر هذه الظاهرة على أنها كهرباء طبيعية. ويقال أيضا أنه يمكن ملاحظتها على الأطراف الحادة لمانعات الصواعق، وعلى المواد الحادة التي تدخل متطايرة في الأعاصير..
حتى في اليونان القديمة، كان ظهور شعاع واحد من نيران القديس المو يسمى هيلينا، بينما ظهور شعاعين كان يسمى بـ كاستور وبولوكس( أي انهم كانوا يطلقون اسما لكل شعاع)..
لكن ما الذي يجعل البلازمــا تتوهج؟
التفسير البسيط هو ظاهرة الانبعاث: فعندما تنفصل الإليكترونات السالبة عن الأنوية الموجبة، فإنها في لحظة ما تعاود التجاذب معها، مما يطلق فوتونات، وهو ما نراه نحن كتوهج مضيء لامع.
لون الشرارة المضيئة يختلف حسب نوع الغاز. فلو كنا نعيش في جو من غاز النيون، لكانت نيران القديس المو ذات لون أحمر/ برتقالي ، و لكانت الأضواء تظهر بلون أبيض ذا حواف برتقالية.
وغلافنا الجوي مكون من غازي الأوكسجين والنيتروجين بشكل أساسي، لذا فإن الشرارات المضيئة التي تظهر تكون ذات لون أزرق / أرجواني .
بينما تعرف أنت هذه الكلمة حديثا، وتتشدق بانك عليم، فاعرف أن الكثيرين من قبلك عرفوها وتحدثوا عنها ، فقد ظهرت في روايات أدبية كثيرة وأشعار أكثر، منها الرواية الشهيرة "موبي ديك"، وتحدث عنها تشارلز داروين أيضا في رحلته على متن السفينة بيغل، بينما ورد ذكرها في أعمال يوليوس قيصر