يهوذا الإسخريوطي، هو واحد من تلاميذ المسيح الإثني عشر ويسمى أيضا بيهوذا سمعان الإسخريوطي [1]، اسمه يهوذا معناه بالعبرية (الحمد) [2] ومن لقبه الإسخريوطي نستدل بانه كان من مدينة تسمى قريوط أو قريوت تقع في جنوب مملكة يهوذا والتي ذُكرت في العهد القديم [3] وقد تكون هي ذاتها خربة القريتين الكائنة على بعد أربعة أميال ونصف جنوب تل ماعين، أو قد يكون من مدينة موآب الحصينة المذكورة أيضا في العهد القديم [4]، على كل حال المقطع الأول من لقبه (إسخريوطي) باللغة العبرية (יהודה
איש־קריות) هو إس أو إش بمعنى رجل فيكون (القريوتي) نسبة إلى قريوت [5] وكان كتبة الأناجيل يركزون على ذكر لقبه لتمييزه عن الرسول يهوذا تدَّاوس.
بحسب الأناجيل القانونية فإن يهوذا الإسخريوطي هو التلميذ الذي خان يسوع وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة وبعد ذلك ندم على فعلته ورد المال لليهود وذهب وقتل نفسه، وبعد قيامة يسوع من الموت اختار الرسل متياس بديلا عن يهوذا ليكون من جملة الاثني عشر.
كان أول ذكر ليهوذا الإسخريوطي في الإنجيل هو أثناء اختيار يسوع لرسله الإثني عشر [6]، وكان الإنجيل يصف يهوذا بالمُسلِّم من حيث أنه سلم يسوع لليهود (ويهوذَا الإسخريوطي الَّذِي صار مُسَلِّماً أَيضاً) [7]، وكان يسوع يعرف دائما بأن يهوذا سيخونه (أَجابهم يسوع : ((أَلَيس أَني أَنا اختَرتكم، الاِثثي عشر؟ وواحد منكم شيطَانٌ!)) قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطي، لأن هذا كَان مزمعاً أَن يُسَلِّمَه، وهو واحد من الاِثني عشر) [8].
وكان المسيح قد أوكل ليهوذا الإسخريوطي مهمة حفظ ماله ومال التلاميذ فكان صندوق المال عنده وكان يسرق منه (فَقَالَ واحد من تلاميذه، وهو يهوذا سمعان الإسخريوطي، المزمع أَن يُسَلِّمَه: ((لماذَا لم يبع هذا الطيب بثلاثمئة دينار ويعط للفقَراء؟)) قَال هذا ليس لأَنه كَان يبالي بِالفقَراء، بل لأَنه كَان سارقاً، وكَان الصندوق عنده، وكَان يحمل ما يلقَى فيه.) [9].
ثم اتفق يهوذا مع رؤساء كهنة اليهود على أن يسلم لهم المسيح مقابل ثلاثين قطعة فضة [10] في مكان خلاء لأن اليهود كانوا يخشون القبض على يسوع في النهار أمام الجموع لئلا يثوروا ضدهم [11]، وكان يهوذا يعرف الأماكن التي اعتاد يسوع على الاختلاء بها بتلاميذه كبستان جثسيماني، وأثناء العشاء الأخير اعلن يسوع للتلاميذ عن أن واحدا منهم سيسلمه لحكم الموت لتكتمل جميع النبوات (وفيما هم يأكلون قَال: ((الحق أقول لَكم: إِن واحدا منكم يُسَلِّمني)). فحزنوا جدا ،وابتدأ كل واحد منهم يقول له: ((هل أنا هو يا رب؟)) فأجاب وقَال : ((الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يُسَلِّمُني! إِن ابن الإنسان ماضٍ كَما هو مكتوب عنه ،ولَكن ويل لذَلك الرجل الذي به يُسَلَّمُ ابن الإنسانِ. كَان خيراً لذَلك الرجل لو لم يولد!)). فسأل يهوذا مُسَلِّمُهُ وقال : ((هل أنا هو يا سيدي؟)) قَال له: ((أنت قلت))) [12]، ثم دخل الشيطان قلب يهوذا [13].
كان يهوذا يعرف بطبيعة الحال الأماكن التي اعتاد يسوع أن يختلي فيها بتلاميذه [14] فدلَّ اليهود على مكانهم في بستان جثسيماني وكان قد اتفق معهم مسبقا بان الذي سيقبله سيكون هو يسوع الناصري [15] وعندما وصلوا قال له يسوع جملته المشهورة (يا يهوذا، أَبِقبلةٍ تُسَلِّمُ ابن الإنسانِ؟) [16]. وبعد أن ألقى اليهود أيديهم على يسوع ندم يهوذا لأنه سلمه وأعاد الفضة للكهنة [17] وذهب وشنق نفسه فابتاع رؤساء الكهنة بتلك الفضة حقل الفخاري الذي سمي "حقل الدم"، ويصف الرسول بطرس في سفر أعمال الرسل الطريقة التي مات بها يهوذا فيقول (فَإِن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم وإِذ سقط على وجهِه انشق من الوسط فانسكَبت أحشاؤه كلها) [18].
يؤمن الغنوصيين بأن يهوذا برئ من تهمة الخيانة وبأنه إنما قام بفعلته تلك لخدمة سيده المسيح، وتذهب جماعة القاينيين الغنوصية إلى أبعد من ذلك فتبجل شخص يهوذا وتعتبر ان قيامه بتسليم يسوع للموت كان لغاية نبيلة وهي تخليص العالم من الخطيئة، لذك يجب احترام وتقديس يهوذا بل وشكره على مساعدته المسيح، فيهوذا علم بأن يسوع كان خائفا مما هو مقدم عليه فخشي أن يتراجع نهائيا عن فداء البشر لذلك "خانه" أو سلمه لرؤساء الكهنة لكي لا تعاق عملية الخلاص.